فاجأ "موسكينس" أسقف كنيسة بريدا وسط هولندا المشاهدين وكافة المسيحيين خلال البرنامج التليفزيوني "نات فارك" الذي أذاعته القناة الثانية الهولندية مساء الإثنين الماضي بتصريح أثار الجدل في المجتمع الهولندي يقول فيه:
من هنا فصاعدا يمكننا كمسيحيين أن نستخدم لفظة الله بدلا من استخدام لفظة جُد (God) (التسمية باللغة الهولندية).. فاللفظة العربية أكثر جمالا وتعبيرا عن مكانة الإله.. وربما تزيد من فرص التقارب بين الأديان". واللفظة العربية "الله" - يقول الأسقف الكاثوليكي (71 عاما) - : "أكثر تعبيرا عن مكانة الإله الذي يعبده الجميع"، وتساءل عن مبررات عدم توحيد الاسم: "لماذا لا نقول جميعا من هنا فصاعدا على كلمة جُد.. الله؟ ولماذا لا يكون الله لنا جميعا؟ خاصة أنه بلفظه العربي أكثر تعبيرا وجمالا".
وأوضح أنه خلال عمله في الكنائس الإندونيسية كان يستخدم لفظة "الله" داعيا المسيحيين الهولنديين إلى اعتمادها: "إذا كنت أنا طيلة 8 سنوات، وغيري من القساوسة لعشرين أو ثلاثين عاما، نردد في صلواتنا بكنائس إندونيسيا عبارة (الله العظيم) ونحن في ذروة القداس، فلِم لا نستطيع أن نفعل ذلك هنا، بشكل جماعي؟!".
قرن أو قرنان
"قول أسقف بريدا يحمل وجهة نظر تستحق الدراسة"، هكذا علّق الناطق باسم مؤتمر الأساقفة الهولنديين بيتر كوهنان، مضيفا أنه "إذا استحضرنا الذاكرة البشرية فسنجد أن الإنسان يبحث عن اللفظة المناسبة ليثبت بها عظمة الإله".
الأسقف موسكينس من جانبه يدرك أن المسيحيين في هولندا لن يتقبلوا الأمر بسهولة: "الأمر قد يحتاج من 100 إلى 200 سنة ليصبح معتادا، ولكنني على قناعة بأنه في نهاية الأمر سوف يتحقق"، وفق تصريحات نشرتها الصحافة الهولندية يوم الثلاثاء الماضي.
وأضاف أن "الله لا يهتم بشكل مناداتنا له، وإنما يهمه الكيف". ووصف التمسك بلفظة "جُود" بأنه "جدالات وعصبيات من اختراع الإنسان"، معتبرا أن استعمال اللفظة العربية سيزيد من فرص التقارب بين الأديان.
اهتمام أكبر
وحظيت دعوة الأسقف موسكينس بتغطية إعلامية مكثفة، رغم أنه سبق أن أطلقها قبل سنوات، ولم تجد حينها اهتماما يذكر من وسائل الإعلام أو الكنيسة.
ويفسر مراقبون التركيز الكبير على دعوته هذه المرة بأنها جاءت في أعقاب تصريحات عضو البرلمان خيرت فلدرس التي دعا فيها إلى حظر القرآن في هولندا، مشبها إياه بكتاب "حياتي" للزعيم النازي أدولف هتلر.
ورغم أنه إلى الآن لم تصدر تصريحات من قادة الأقلية المسلمة على دعوة الأسقف موسكينس بسبب وجودهم في عطل صيفية، فإنه غالبا ما تجد مثل هذه التصريحات استحسانا من أغلب المنظمات الإسلامية العاملة في هولندا.
رغيف وعازل طبي
ومنذ عام 1996 سلط الإعلام الهولندي الأضواء عدة مرات على الأسقف موسكينس، بسبب مواقفه وتصريحاته؛ إذ سبق له اعتماد أحد الأعياد الإسلامية كعطلة رسمية بدل إحدى المناسبات الدينية المسيحية.
كما أطلق عباراته الشهيرة: "إذا كنت جائعا وليس لديك أي نقود، فلا مانع من سرقة رغيف خبز"، وأنه يمكن للمحتاج للعمل ولو بطريقة غير قانونية الحصول على معاشه.
كما أثار غضب الفاتيكان أكثر من مرة لكونه من أشد المؤيدين لاستخدام العازل الطبي في المعاشرة الشرعية بين الأزواج، لمواجهة انتشار الإيدز؛ وهو ما يخالف موقف الفاتيكان الرسمي الذي يحرم العازل في كل الحالات.
وينتظر الأسقف موسكينس ردا من روما خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن بعث بخطاب إلى البابا بنديكت السادس عشر في يونيو الماضي، يطلب منه إعفاءه من عمله الحالي في كنيسة بريدا لأسباب صحية.