حكاية طفل بريطاني شجاع
حتى وقت قصير
كان النوم بالنسبة للطفل البريطاني سام لينغورث البالغ من العمر 8 سنوات
مأساة بكل معنى الكلمة
لدرجة ان الدموع كانت تنهمر من عينيه لمجرد ذكر
كلمة السرير التي ارتبطت بذهنه طوال 3 أشهر بالمعاناة والألم
الشديد‚ وكان
سام الذي يعيش مع عائلته في منطقة ولفرهامبتون قد ولد مصابا بمتلازمة
كروزون‚ وهي حالة نادرة
تسبب اندماج عظام الجمجمة وتغيير الملامح الطبيعية
للوجه‚ ونتيجة لذلك فقد اخضع سام لـ 14 عملية جراحية معقدة‚
واضطر لاحقا
لارتداء اطار مؤلم غرز في عظام جمجمته لأكثر من 3 أشهر لتصحيح معالم وجهه‚
وتقول والدته سو
(36 عاما): انا فخورة للغاية بسام فإطار الرأس كان مؤلما
لدرجة يصعب وصفها ومع ذلك فإنه لم يشتك مطلقا‚
وزيادة على ذلك‚ فإنه لم
يسمح لهذه المشكلة ان تعوقه عن القيام بالأمور التي يحبها مثل قيادة
دراجته او زلاجته‚
وبدأت مشكلة سام بعد وقت قصير من ولادته في يوليو عام
1994 فرغم ان الوالدة سو والوالد غري (38 عاما)
الذي يعمل سمكريا كانا
يظنان ان مراحل الحمل تمر بشكل طبيعي كما اخبرهما الأطباء وان ابنتهما شول
التي كان
عمرها آنذاك 10 أعوام ستحصل اخيرا على الشقيق الذي طالما
انتظرته‚ إلا ان القلق بدأ يحتل مساحة الفرح تدريجيا
عندما ولد سام برأس
غير طبيعي وتقول سو: لقد كان وجهه مائلا نحو الجهة اليمنى ومقوسا بشكل
واضح وفي البداية
اعتقدت ان هذا التشوه حدث نتيجة الولادة وان الوجه سيعود
الى طبيعته تدريجيا الا ان هناك شيئا داخليا كان يحدثني
بوجود خطأ ما‚
وبالفعل فقد صدقت توقعات سو فقد اثبتت سلسلة من الفحوصات والتحاليل
الدقيقة اصابة سام بمتلازمة
كروزون التي تصيب طفلا واحدا من بين كل 250
ألف طفل مما دعا الاطباء الى التشديد على الوالدين بضرورة اجراء
العمليات
الجراحية اللازمة لسام في اسرع وقت ممكن قبل ان يؤدي تفاقم الحالة الى
اصابة المخ بأضرار يصعب عكسها‚
وبعد اربعة اشهر من ولادته خضع سام للعملية
الاولى من بين سلسلة العمليات السبع التي اجريت له خلال عاميه
الاولين
وذلك لازالة بعض العظام من جمجمته وتخفيف الضغط على دماغه وعندما بلغ سام
الثانية من العمر اضطر
الصغير الى وضع اطار معدني على رأسه للحفاظ على
الشكل الجديد للوجه كما الحق بروضة خاصة لمساعدته على
التخلص من الجمود
والكآبة اللذين رافقاه بسبب شكله الخارجي‚ وبمجرد ان أكمل سام السنة
الرابعة من عمره قررت
امه الحاقه بمدرسة حكومية رغم مخاوفها من عدم قدرته
على التأقلم مع تلك البيئة الجديدة وامكانية رفض زملائه له
ولكن الامور
سارت بشكل حسن بفضل تعاون الهيئة التعليمية‚ وفي يوليو 2002 اتفق الأطباء
المشرفون على متابعة
حالة سام بأن الوقت قد حان لتصحيح ملامح وجهه بشكل
نهائي ولكنهم حذروا والديه من أن الاجراء الجراحي سيكون
مؤلما من
الناحيتين النفسية والجسدية وبالفعل فقد ثبت الاطباء إطارا معدنيا مجهزا
بـ 8 براغ معدنية لتثبيتها في
جمجمة سام ولكن السيىء في الأمر ان هذه
البراغي يجب ان تشد مرتين يوميا في جمجمة سام على عمق ميلليمتر
ونصف
الميلليمتر لحمل جمجمته على أخذ شكلها الصحيح‚ وتقول سو: لقد رأيت صورا
لأطفال يضعون إطارات مماثلة
ولذلك فقد ظننت ان بإمكاني التعامل مع هذا
التحدي الجديد ولكن عندما رأيته للمرة الأولى بعد العملية التي استغرقت 8
ساعات أصبت بصدمة يصعب وصفها وندمت على سماحي للأطباء بتعريض سام لكل هذا
العذاب‚ ورغم ان البراغي
المثبتة في جمجمته كانت مؤلمة بدرجة لا تطاق
بشهادة الأطباء أنفسهم إلا أن سام وان كان يبكي بصمت في بعض
الاحيان إلا
انه لم يطلب رفع الاطار عن وجهه ولو لمرة واحدة طوال الاشهر الثلاثة التي
أعقبت العملية‚ وبعد مرور
الفترة المحددة تم رفع الاطار بشكل نهائي وقد
تطلب الأمر من سام عدة أيام قبل ان يقرر النظر إلى نفسه في المرآة
لرؤية
شكله الجديد‚ وتقول سو: كنا نحيط به عندما قرر النظر إلى نفسه في المرآة
ولن أنسى أبدا السعادة التي بدت
على وجهه عندما رأى كيف بدا كأي صبي طبيعي
بعد ان أخذت جمجمته وعيناه شكلها الصحيح‚ وقد بلغ الفرح بسام
مبلغا دفعه
إلى الاحتفاظ بمرآة قرب سريره للنظر إلى وجهه طوال الوقت كما انه أرسل إلى
الجراح الذي أشرف على
رعايته بطاقة يشكره فيها على ما فعله من أجله