* الوقفة الثالثة: انظروا إلى فقه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أرَّخ بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم رمزِ انتصارِ دينه، ولم يؤرّخْ بمولده أو وفاته، أتدري لماذا؟
أولاً: تقديماً للحقائق والمعاني على الطقوس والأشكال والمباني.
وثانياً: لأنهم لم يكونوا يعلمون جزماً وقطعاً يوم ولادته.
فقد اختلف المؤرخون في تحديد مولده على أقوالٍ عديدة، وليس لواحدٍ منها مُرَجِّحٌ على الآخر. ولو أنَّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرون أنَّ ضبط تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم له أهميةٌ مَا، يترتب عليه حكمٌ شرعي لما أهملوا ذلك، ولوجدناهم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فلما لم يسألوه، تبين أن ذلك من الأمور التي لم يعيروها أيَّ اهتمام ألبتة، ولم يكونوا يرون أنَّها حقيقةٌ بالسؤال!
* الوقفة الرابعة: من أول من أحدث المولد؟ كتب التاريخ تقول: إنهم العبيديون الذين يُسمون أنفسهم بالفاطميين، وينتسبون زوراً إلى ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهم في الحقيقة من المؤسسين لدعوة الباطنية، والذي أسس هذه الدولة أتدري ما قاله علماء الإسلام كالإمام الغزالي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن خلكان وابن الأثير وابن كثير والذهبي والسيوطي في الفاطميين؟ راجع كتبهم لتعرف ما قالوه في الدولة العبيدية الفاطمية؟. لماذا أظهروا هذه البدعةَ وغيرَها من البدع؟ الجواب واضحٌ جداً: كي يغيروا على الناس دينهم، فإن إشغال الناس بالبدع طريق سهل لإماتة السنة، والبعد عن شريعة الله السمحة وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم المطهرة. وليس بعيداً أن يكون باعثهم على الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم أنها هي ذكرى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي ذكرى موت من طردهم من المدينة وأجلاهم منها، وانتقمت منه صلى الله عليه وسلم جدتُهم اليهودية بإطعامه من الشاة المسمومة التي بقي أثرها حتى وفاة نبينا صلى الله عليه وسلم، فهم بهذا الاحتفال يخلدون ذكرى هذه الجدة اليهودية، ويجعلون موته صلى الله عليه وسلم عيداً يتفاخرون به.
فيا عقلاء! إذا كانت الأمة لم تعرف المولد قبل هذه الدولة الرافضية ذات الأصل اليهودي، فهل هؤلاء أهلٌ للاقتداء ؟!
* الوقفة الخامسة: أيُّ معنى لتخصيص يومٍ واحدٍ في السنة نتذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
~ هل نسيناه حتى نتذكره ونصلي عليه مرةً واحدةً في السنة؟
~ هل يجوز أن نفرح به صلى الله عليه وسلم مرة واحدة في السنة؟
~ هل هذه الطريقة فيها توقير للمصطفى أم أنها إجحاف بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم؟
يجب على الأمة الإسلامية أن تجعل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مادة إجبارية في جميع مراحل التعليم، ولا نقيد ذلك ونقول: حسب الإمكانيات! ويجب على كل المسلمين أن يتعلموا ما استطاعوا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته وآدابه. وبهذه المناسبة يوجد أناس يقولون: لا بد أن نعلم أولادنا محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، واقترحوا يوماً في السنة في المدارس الابتدائية لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم، ولتعلم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وظنوا أنهم جاءوا بجديد وأنهم عظموا النبي صلى الله عليه وسلم-أعوذ بالله من هذا التفكير الساذج أصبحت محبة النبي صلى الله عليه وسلم يوماً في السنة، كالأيام العالمية ( يوم الأم، ويوم المرأة، ويوم الطفل، والشجرة، والأيدز، والتدخين، و...إلخ ) مع ما في ذلك من مضاهاة لليهود والنصارى.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «البخيل من ذُكرتُ عنده ولم يصلِّ علي» فبالله عليكم! أي بخل تصفون به من يقول نخصص للنبي صلى الله عليه وسلم يوماً من السنة في المدارس؟ فهذا هو أبخل البخل، نحن نقول لو طالبتَ أو طالب أيُّ إنسانٍ أن تكون مادة السيرة يومياً لقلنا هذا موضوع قابل للدراسة، ونرجو من المدارس أن تحققه، ثم يجب أن نذكر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاتنا ونصلي عليه، ونذكره إذا سمعنا الأذان، ونذكره صلى الله عليه وسلم إذا دخلنا المسجد، نذكره في أوقاتٍ كثيرة غير ما ورد من ذكره صلى الله عليه وسلم المطلق، بل يكون ذكره صلى الله عليه وسلم بالامتثال بسنته -فمثلاً- إذا رأيت شاباً مؤمناً يتمثل في مظهره سنة صلى الله عليه وسلم فإنك تذكر في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا رأيت القرآن تذكرت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه هو الذي جاءنا بهذا القرآن، فمتى يغفل المؤمن عن ذكرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى نقول: يكون له يوم في السنة!!