تذكر قبل أن تعصي أن الله يراك ، ويعلم ما تخفي وما تعلن : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي لْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ
أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْم الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
تذكر قبل أن تعصي أن الملائكة تحصي عليك جميع أقوالك و أعمالك ، وتكتب ذلك في صحيفتك ، لا تترك من ذلك ذرة أو أقل ،قال تعالى:(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيدٌ)
تذكر قبل أن تعصي يوم تدنو الشمس من الرؤوس قدر ميل ويعرق الناس ، \" فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون الى ركبتيه ، ومنهم من يكون الى حقويه ، ومنهم من يُـلجمه العرق إلجاماً \"
تذكر قبل أن تعصي يوم يحشر الناس حفاة عراه قال صلى الله عليه وسلم \" يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلاً \" قالت عائشة : يا رسول الله !! الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال صلى الله عليه وسلم \"يا عائشة ! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض\" [ متفق عليه ]
تذكر قبل أن تعصي ملك الموت وهو يعالج خروج روحك ، ويجذبها جذباً شديداً ، تتقطع له جميع أعضائك من شدة جذبته ، وتتمنى حينها أن تسبح تسبيحه واحده فلا تقدر ، أو تكبر تكبيرة واحده فلا تقدر ، أو تهلل تهليله واحده فلا تقدر ، أو تصلي ولو ركعتين خفيفتين فلا تقدر ، أو تقرأ ولو آية واحده من القرآن فلا تقدر ، فقد ألجم اللسان ، وشخصت العينان ، ويبست اليدان والرجلان ،وطاش العقل من شدة ما يرى .
تذكر قبل أن تعصي القبر وعذابه ، وضيقه وظلمته ، وديدانه وهوامه ، فهو إما روضة من رياض الجنه او حفره من حفر النار قال صلى الله عليه وسلم \" لولا أن تدانوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر \" [رواه مسلم]
تذكر قبل أن تعصي وقوفك بين يدي الله تعالى يوم ألقيامه ، ليس بينك وبينه حجاب أو ترجمان ، فأحذر أن يشدّد عليك في الحساب ، فقد قال صلى الله عليه وسلم \"من نوقش الحساب عُـذّب\" [متفق عليه].
تذكر قبل أن تعصي شهادة أعضاء العصاة عليهم ، كما قال سبحانه : (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُم وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُم عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوخَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
تذكر قبل أن تعصي أن لذة المعصية مهما بلغت فإنها سريعة الزوال ، مع ما يعقبها من ألم وحسره وندم وضيق عيش في الدنيا ، وتعرض للعذاب في النار يوم القيامة تذكر قبل أن تعصي أن المعاصي ظلمات بعضها فوق بعض ، وأن القلب يمرض و يضعف ويظلم بسبب الذنوب والمعاصي ، وقد يموت بالكلية ، وإذا مات القلب تحتم الهلاك وتأكد الخسران ، قال صلى الله عليه وسلم \" تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً ، فأيُّ قلبٍ أُشر بها نكتت فيه نكتهٌ سوداء ، وأيُّ قلبٍ أنكرها نكتت فيه نكتةُ بيضاء ، حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا ، فلا تضره فتنه مادامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه \" [متفق عليه] .
وأخيــراً تذكر قبل أن تعصي أن الذنوب تؤدي الى قلة التوفيق ، وحرمان العلم ، وحرمان الرزق ، وضيق الصدر وتعسير الأمور ، ووهن البدن ، وقصر العمر ، وموت الفجأه ، وفساد العقل ، وذهاب الحياء والغيرة والأنفه والمروءه من القلوب والمعاصي تزيل النعم ، وتحل النقم ، وتمحق بركة العمر وبركة الرزق ، وبركة العلم وبركة العمل وبركة الطاعه ، وتعرض العبد لأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة وتخرج العبد من دائرة الإحسان ، وتمنعه من ثواب المحسنين .
ومن أعظم عقوباتها إنها تورث القطيعة بين العبد وربه ، وإذا وقعت القطيعة انقطعت عنه أسباب الخير، واتصلت به أسباب الشر .
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده الطائعين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .