السلام عليكم
جمهور الأهلي يتهم الزمالك بالعمالة لإسرائيل كان يوما حارا ككل أيام هذا الصيف والعرق يتصبب على جبين ركاب الميكروباص بفعل حرارة شمس فيما ارتفع صوت سائق السيارة مناديا على الراكب الأخير "بولااااااق .. مزلقان .. بولاااااق".
كان الركاب يستعطفون المارة بنظراتهم أملا في ركوب أحدهم لـ"إكمال العربية" بعدما صهرتهم الحرارة داخل علبة الصفيح المسماة بسيارة أجرة مجازا، فيما أخذ السائق يترقب الطريق المزدحم خشية حضور ضابط المرور في "كبسة" مفاجئة.
وما أن جاء الراكب الأخير حتى هلل الركاب - بما فيهم شيخ يمسك بمصحف في يده ويقرأ آياته بصوت خفيض - مطالبين الأسطى بالانطلاق وهو ما فعله السائق الذي رمق عسكري المرور المسكين بنظرة شامتة دون أن يدري أن أبواب الجحيم ستنفتح في وجه خلال لحظات.
بدأ الحوار "السلمي" بين الراكبين الشابين إلى جوار السائق ونعرف من ملامحهما المتحمسة أنهما من الأهلاوية، قال الأول.. "شفت جماهير الهلال كسرت أتوبيس الأهلي ولاد ال..." رد الثاني بلهجة منكسرة "أه شفت".
وهنا فوجيء الراكبان براكب أخر خلفهما مباشرة يشاركهما الحديث قائلا: "حد قالهم يلعبوا في السودان.. مش قد اللعب بيلعبوا ليه".
فرد عليه أحدهما: "يا عم ده السفارة قدمت احتجاج رسمي واللي حصل ده تهريج" .. فعاد الراكب خلفهما ليقول: "سفارة! هو السفارة هتعملهم ايه".
ارتسمت ابتسامة على شفتي الشابين وقال له أحدهما في تشف "الله ده باين على الكابتن زملكاوي .. يا عم اتشطروا على الإسماعيلي".
بدأت الابتسامات تعلو وجوه بعض الركاب باعتباره خلافا أهلاويا زملكاويا لكن سرعان ما تبددت الابتسامات عندما رد المشجع الزملكاوي بشراسة: "احنا لينا بلنين في ماتش الإسماعيلي متحسبوش" (يقصد ركلتي جزاء والمعروف ان ركلة الجزاء في الشارع المصري اسمها بلن بكسر الباء واللام).
وجاء رد المشجعين الأهلاويين أكثر شراسة: "مش الهلال ده شيلكم اتنين عايزين ايه.. وبعدين احنا نقدر نكسبه تاني زي الصفاقسي".
وهنا جاء صوت زملكاوي هاديء من المقاعد الخلفية في السيارة: "بس الهلال عمل ماتش عمره ولعيبت الأهلي اتكشفت".
فرد الزملكاوي الأول: "يا عم دي فرقة بتكسب بالحكام.. دول فرقة يهود.. يبقى اللعيب من دول قاعد في النادي بتاعه وبياكل عيش في حاله ودول يعملوا له غسيل مخ عشان يبوظوا اللعيبة ويشتروه".
وهنا فوجيء الجميع بصوت يأتي من الخلف فإذ به الشيخ الملتحي قد ترك المصحف قائلا: "يا عم يا اللي بتتكلم على الأهلي والحكام ده احنا جمال الغندور من يوم ما جه وهو حاطط الفرقة في دماغه وحالف يقرف الأهلي واحترم نفسك".
جمهور الزمالك يتهم الأهلي بخطف اللاعبين وأضاف الشيخ: "هم الزملكاوية كده فرحتهم أن الأهلي يتغلب ولا يتعادل .. خلاص بقت بطولة عندهم أن الأهلي يتغلب .. هو ده اللي فالحين فيه"
ساد القلق على وجوه باقي الركاب العقلاء بعد أن تكهرب الجو ومن بينهم طفلة صغيرة لم تتعد الخامسة من عمرها بعدما اكتشفوا إنهم أقلية وسط مجموعة من المشجعين العقلاء.
وقال المشجع الزملكاوي الأول: "يا عم حرام عليك ده انتم تل أبيب مبتشوفش بتسرقوا اللعيبة ازاي".
فرد الشيخ قائلا وقد أخذه الانفعال إلى مرحلة اللاعودة: "هم الزملكاوية كده احنا لو بنلاعب إسرائيل هيشجعوا إسرائيل ، أنا بقالي 37 سنة بشجع الأهلي .. انتم كده ومفيش فايدة فيكم .. وبتقول علينا يهود ده انتم ...(لفظة بذيئة) ".
رد الزملكاوي ساخرا: "إسرائيل مين يا عم ده الأهلي أعضاء مجلس إدارته من الكونجرس الأمريكي ذاته".
في هذه اللحظة بدأ باقي الزملكاوية والأهلاوية يحاولون تهدئة الرجلين وبدأ البعض يلعن أبو الأهلي على الزمالك على المنتخب من باب مجاملة الطرفين.
وبدأ الأهلاوية يطالبون الرجل الملتحي بمواصلة قراءة القرآن وبتذكيره بأن جميع الركاب من أهلاوية أو زملكاوية هم في النهاية مؤمنين بالله.
وهنا تعالى صوت جديد واضح أن ألله أنعم عليه بكره كرة القدم قائلا: "يا جدعان حرام عليكم هو الأهلي ولا الزمالك دول هينفعوكم بإيه".
فردت عليه أحد الأصوات المتعصبة مؤكده على وجهة نظره: "على رأيك لعيبة ولاد ...(لفظ بذيء) بتجري ورا الفلوس".
وهنا أراد المشجع الملتحي إغلاق الموضوع نهائيا بعدما وصلت السيارة قرب نادي الصيد: "التعصب وحش احنا مبنحبش التعصب بس بنكره الظلم".
وبعد أن صمت الجميع للحظات قليلة فوجيء الجميع بصوت طفولي يقول: "بس أنا برضو بحب الأهلي يا بابا".. فنظر لها الأب المسكين الذي التزم الصمت طوال المعركة نظرة قاسية لا تخلو من التهديد ولسان حاله يقول: "استني عليا لما نروح يا بنت .. (لفظة بذيئة)".
احلى سلام
فى الجول