بعدما تحدثت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة عن معجزة العرب الحضارية في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) تساءلت عن المقومات التي احتاجها العرب ليبعثوا مثل هذا البعث ، كما تساءلت عن العوامل التاريخية والاجتماعية والروحية والفكرية التي كان لا بد لها أن تجتمع لتخلق هذه المعجزة التي حققها العرب.
إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162} لاَ شَرِيكَوأقول جواباً عن تساؤلات المستشرقة الألمانية :
إن الإسلام وحده هو الذي كان وراء هذه البعث العربي والإعجاز الحضاري الذي حققه العرب ، فلقد كان العرب في حاجة إلى عقيدة إلهية واحدة تكون مصدر التجمع والتصور ، ومنبع الفكر ومنهج الحياة .. مؤثرة في المبادئ والشرائع والأنظمة والأوضاع التي تنظم المجتمع أفراداً أو جماعات مع نظام مؤثر في الأخلاق والآداب والتقاليد والعادات والقيم والموازين التي تسود المجتمع وتؤلف ملامحه مع سيادة القيم الإنسانية واستملاء الإنسان في العقيدة الإسلامية والنظام الاجتماعي الإسلامي.
العقيدة
تقوم العقيدة في الإسلام على تنظيم صلة الإنسان بالله وتعطيه قيماً معينة وشريعة تنظم الحياة الاجتماعية حسب هداية الله سبحانه وتعالى أن ترتكز هذه العقيدة على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وهي تعني الإفراد بالعبودية لله وحده دون سواه والاعتراف بالخلق والسلطان له سبحانه وتعالى وتنزيهه عن الشريك. ويتمثل ذلك في التصور والإدراك البشري من تلقي الإنسان لحقائق العقيدة من مصدرها الرباني الذي يتكيف به الإنسان في إدراكه لحقيقة ربه ولجلاله ولحقيقة الكون الذي يعيش فيه ، ولحقيقة الحياة التي يعيشها ، ولحقيقة الإنسان نفسه ، ومن ثم تصبح عقيدة (أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) قاعدة لمنهج كامل تقوم عليه حياة الأمة المسلمة بحذافيرها ، فأركان الإسلام من مقتضياتها ، صلاة ، وزكاة ، وصيام ، وحج ، وحدود ، وتعازير ، وحلال وحرام ، وسلوك وأخلاق ، والاعتراف بالعقيدة لله رب العالمين يقتضي الطاعة لله وحده والتسليم لحكمه دون سواه : (قُلْ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {163}.