بس مين فينا ماعندوش مشكلات نفسية؟!
«الإيموز» هم مجموعة من الشباب يتميزون بارتداء الملابس السوداء التي يرتدونها دائما كدليل علي حالة الاكتئاب التي يعانون منها، إضافة إلي ارتدائهم عدداً كبيراً من السلاسل، ومن أبرز سمات ملابس الإيموز أن ملابس الشباب لا تختلف عن ملابس الشابات، فالملابس التي يستخدمونها تصلح للجنسين. وتتسم شخصية «الإيموز» بالحزن والتشاؤم والصمت والميل إلي الخجل،
إضافة إلي الحساسية العالية في التعامل مع الآخرين، وهم علي عكس الجماعات الأخري، لا تجد شباب المجموعة الواحدة في «الإيموز» متواصلين بشكل إنساني، إنهم فقط يتجمعون في مكان واحد، ليجلس بعد ذلك كل شخص بمفرده، ليستمع إلي الموسيقي التي يفضلها «الإيموز»، والتي تعتبر خليطاً بين «الميتيل والروك والجاز».
و«إيموز» هي جماعة شبابية منتشرة في جميع أرجاء العالم وتضم شباباً من الجنسين، وهي اختصار «Emotional» بمعني عاطفي أو مثير للعاطفة، وبحسب ما يردده أفراد جماعات الإيموز علي مواقع الفيس بوك فإن «الإيموز» قد ظهرت في مصر عام 2000، أما حاليا فيوجد 35 مجموعة علي الفيس بوك حتي الآن في مصر، يشترك فيها قرابة 10 آلاف شاب.
ذلك هو تعريف الإيموز بشكل عام، لكن من هو الشخص «الإيمو» ومتي يكتشف الإنسان نفسه أنه إقرب إلي تلك الفكرة والسمات الشخصية التي تميزه. ذلك ما سنعرفه من خلال حوارنا مع أحد أعضاء «الإيموز» في مصر، وهو شاب يدعي «مروان» من أسره متيسرة الحال ولم يتجاوز عمره السادسة عشرة. وقرر أن ينضم للإيمو حيث وجد فيها نفسه - حسب تعبيره-
> كيف تعرفت علي الإيموز؟
- من خلال صديقة كنت أعرفها من فترة وفجأة اختفت ولما ظهرت أعلنت أنها «إيمو» فسألتها يعني إيه فشرحت لي الفكرة وبعد وقت شعرت أني اقترب لتلك الفكرة واقتنعت بها. وبعد ذلك وجدت أن هناك أصدقاء كثيرين «إيموز».
> هل أسرتك تعلم أنك «ايمو »؟
- أهلي لا يعرفون أني «إيمو» وإخواتي ليس لهم أي علاقة بالإيموز وده يرجع لأن «الإيمو» شيء مرتبط بالإنسان وطباعه منذ الصغر وأنا كنت اقرب منهم، لأني سريع الغضب والحزن جدا والاكتئاب أيضا وطول الوقت الذي أقضيه خارج المدرسة أفضل الجلوس بمفردي وأفكر في حل مشاكلي دون عرضها علي أسرتي. وبالمناسبة البشر كلهم أصلهم «إيمو» لأنهم يتميزون بوجود المشاعر والإحساس. لكن الشخصيات الأكثر حساسية وسريعة الحزن والاكتئاب هم «الإيموز». وهناك قصة معروفة عن رجل أوروبي كان يعيش وحيدا ولا يوجد تواصل بينه وبين المجتمع الذي يعيش فيه، فقرر ارتداء اللون الأسود ويرتدي أشياء من شأنها تجعله شخصًا مميزًا يلتفت الناس إليه ويتحدثون معه، ومن هنا انطلقت فكرة «الإيمو»
> لكن سرعة الغضب والحزن كلها صفات إنسانية إذن فما الذي يميز «الشخص الإيمو» عن غيره؟
- سرعة الغضب سمة إنسانية موجودة في الإيمو والبشر عموما، لكن الفرق بين الاثنين هو أن «الإيمو» لا يجد شخصًا يكلمه ويساعده في حل المشكلة.
> ألم تحاول من قبل فتح حوار مع والدك ووالدتك؟ وما أسباب بعدك عنهم؟
- مبعرفش أتكلم مع أهلي لأنهم جيل وأنا جيل تاني مش فاهمين طريقة تفكيري ومستحيل أنهم يفهموني،أجلس مع والدتي ساعات بأكلمها لكن مش كل حاجة بتفهمني فيها زي المذاكرة مثلا أنا بذاكر وفق جدول الساعات اللي أنا وضعته لنفسي - وأنا متفوق دراسيا- ورغم كده في أوقات الفراغ اللي ما بمسكش فيها الكتاب تفضل تقول إنت مش بتذاكر وتتخانق معايا لأنها مش فاهمه أني واع بمسئوليتي، حتي عندما أخرج مع أصدقائي وأعود في الساعة 12 ليلا ترجع تقولي إنت اتأخرت إحنا زمان كنا بنرجع الساعة 9 وطول الوقت حاول افهمها أن الحياة دلوقتي مختلفة عن زمان أيام جيلها هي ووالدي لكنها لاتفهمني وللسبب ده مابحبش أتكلم معاها أو بطلت لأنهم مستحيل يفهموني رغم أني عارف أنهم بيحبوني بس بطريقتهم وهم بيحاولوا يوفروا لينا الفلوس وتأمين المستقبل، لكنهم لم يوفروا العلاقة القوية معهم ولم يتجاوزا الحاجز بين الأجيال، وأغلب شباب الإيمو من أصدقائي يعانون مشاكل أسرية وأهاليهم «منفصلين».
> وماذا عن أصدقائك في المدرسة هل يعرفون انك «إيموز» وكيف يتعاملون معك؟
- أصدقائي في المدرسة لا يعرفون أني إيمو لأني أولا لبسي مش مبالغ فيه اوي وبعدين ده لبس أغلب الشباب زملائي في المدرسة وهم مش إيمو، وانا كمان باحاول أتكلم معاهم وأهرج وأكون شخص عادي لكن بمجرد ما ارجع للبيت اجلس بمفردي وأكون شخص كئيب جدا. وعدم إعلاني إني إيمو يعود لأنهم في الحالة دي هيعاملوني علي إني شاذ.
> هل كل أصدقائك من «الإيموز» فقط؟
- ليسوا جميعا من الإيموز لكن في نفس الوقت لي أصدقاء إيمو بتقابل ونتناقش مع- بعض واللي عنده مشكلة من أصدقائنا نساعد في حلها.
> هل لديكم طقوس معينة تفضلون ممارستها وأنتم مع بعض؟
- بنحب « fall out boys» وده فريق بيغني أغاني الإيمو فيها أحزان ويستخدم الجيتار
> وهل فعلا يقوم بعضكم بتقطيع شرايين الأيدي؟
- هناك بعض أصدقائنا ممكن يلجأوا لتقطيع الأيدي وده لما يوصولوا لمرحلة عالية من الاكتئاب وديه حالة ممكن يوصلها أي إنسان مريض بالاكتئاب والدليل هو حوادث الانتحار الموجودة إذن هو مرض وليس طقسًا من طقوس الإيمو كما يصور البعض. وبعدين مفيش حد ماعندوش مشكلة نفسية.
> الإعلام تناول «الإيموز» وتحدث عنهم كثيرا، حتي إن هناك بعض الآراء هاجمتكم وانتقدت ما تطرحوه.. كيف تري طريقة تعامل المجتمع معكم؟
- الإعلام ركز علي الإيمو بشكل غريب وصورهم بشكل غير صحيح وحولهم لشواذ وخارجين عن القاعدة بالرغم أننا ما بنعملش حاجة شاذة أو عيب أو خارجة عن المجتمع، كما أنهم صورنا وكأننا غير متدينين وبعيدين عن ربنا وده مش صحيح لأننا ملتزمون دينيا زينا زي أي شخص والإيمو ليس له علاقة بالدين فهناك من أصدقائنا من هو مسلم أو مسيحي.
> في رأيك لماذا رفض المجتمع التعامل معكم واعتبركم شواذ؟
- في مصر لا يوجد حاجة اسمها حرية شخصية، ولو هناك شخص عمل حاجة مختلفة، يتلقي نقدا وهجوما شديدا وكأنه ارتكب جرم، وده اللي حصل في الهجوم علي الإيموز وده لأننا في مصر بناخد كل حاجة بالشكل يعني لو ولد بنطلونه نازل شويه يصبح شخص مش كويس، وحتي الناس من غير ما تعرف يعني ايه إيمو بتدخل علي الفيس بوك وتعملي إضافة عشان تشتمني.
أنا بحب مصر بس «المجتمع باظ خلاص» أي حاجة يفسرها حسب مزاجه وحتي مصر بقت دولة من غير شخصية والناس تركت كل القضايا المهمة وركزت مع الإيمو، والناس فضلت الهجوم علينا دون الاقتراب منا والنقاش معنا حتي يفهمونا ويستوعبونا ويكون هناك تواصل حقيقي، وعشان كده لأن المجتمع رفضنا من قبل ما يناقشنا خلقنا من الإيموز في مصر مجتمع آخر بديل نعيش فيه كبشر أسوياء وليس كشواذ كما هو حادث الآن. لأن الإيمو ده المجتمع هو اللي أحب أعيش فيه.
> الاكتئاب والحزن وسرعة الغضب تدخل ضمن الأمراض النفسية.. لماذا لم تفكر في عرض نفسك علي طبيب نفسي؟
- لو أنا فعلا مريض نفسي يبقي لازم أنا اللي أعالج نفسي بنفسي، لأن دي نفسي مش نفس الطبيب