غريبة الحياة
غريبة الحياة ... تأخذ منا كثيراً وفجأة تعطينا فوق قدرتنا
على الأخذ ... تأخذ مرة واحدة كل ما بنيناه وحلمنا به بدون
أسباب وبدون تقديم مبررات أو اعتذارات لتعطينا مرة واحدة
ودون أسباب ودون تقديم مبررات .
كيف لنا فهمها وهي تباغتنا فجأة في منعطف أو منحدر بكل
ما نريد وجهاً لوجه فتلجم أفواهنا وتكبل أيدينا وتصلبنا على
لوح الترقب دون حراك لتدفع لنا هباتها في وقت يئسنا فيه
من الحياة واعتقدنا بموت الأمل وبانتحار الروح .
كيف لنا الوثوق بها وتقبل ما تقدم لنا وهي التي تأخذ في لحظة
أكثر مما تقدم لتتركنا معلقين على حبال الوهم المربوط برقابنا
لتشد في كل خيبة جديدة على رقاب أحلامنا لتزهق أرواحها
ولتدفع أرواحنا للانتحار .
غريبة الحياة ... في كرمها وفي شحها في تطرفها المطلق الذي
لا يعرف الوسطية فإما المنح وإما الحرمان ... تمد يدها واثقة
ونمد يدنا بارتباك وارتعاش وحين نمسك الحلم ونشده نحونا تبقي
الطرف الآخر بيدها لتستعيده في أي لحظة ونبقى في خوفنا وجوعنا
وتبقى في عنادها وجبروتها .
هل خلقت هكذا أم نحن بأحلامنا المبالغ فيها جعلناها تطلق أحكاماً
علينا إما الموت وإما منحنا مزيداً من الحياة فتزيد أعمارنا وتمنح
أيامنا الفرح وتلون ساعاتنا بالعطاء ...؟
أنحن من ظلمنا الحياة أم هي من ظلمنا ...؟
أسئلة تلاحقنا فترة حياتنا القصيرة مهما طالت ولكن ما من أجوبة
تشفي فضولنا وتبقى الحياة كما هي ونرحل نحن وما زلنا نحلم
بأن تمنحنا الحياة كل ما نريد .