نعانق البحر إن لفـّنا الفرح فيعانق أطيافنا وكل ما فينا
نرى موجه يرقص وخده يلمع بلجين القمر الضاحك
فتتساقط النجوم الذهبية في كفوفنا كهطل المطر
وتدغدغ أوتار العود أصابعنا وتمسي صحبتنا الحلوة تسامرنا
ونعانقه وحيدون عندما نحزن
فيعانق فيضان الهمّ الممتد من جوفنا ليجرف كل غابات الفرح وشجيرات اللحظات الحلوة
عندما تضيق بنا الدنيا وتخنق أتراحها أنفاسنا يعانقنا وحيدين
فيلبسنا سواد الليل الطويل وكآبة الحقول حين يخاصمها المطر
نحمل حزننا على كتفنا ونشد الرحال إليه
نجالسه.. نشتكيه.. نناجيه وعبر سدّنا المحطم نصب فيضان حزننا فيه
زرقته الممتدة إلى الأفق الصاعد نحو الشمس تواسينا
ونسماته العابرة على عتمة كآبتنا تغسل نفوسنا
نلجأ إليه كالنوارس ونغفو على صدره كرمل الشاطئ
عندما نحزن نبحث عن ذاتنا المثقلة بهمومها لنصافيها
ونبحث عن روحنا المتخمة بجراحها لنداويها
نذهب إليه لأن موجه الغاضب يذكرنا بثورتنا حين الغضب
وهدوء صفحته يذكرنا بصفاء نفوسنا حين هدأتها
وعندما يتعكر صفوه ويغلبه الزبد الأبيض يذكرنا بسواد الحزن الذي يُغرقنا
وعندما يزرع زرقة الفيروز في أحضانه يذكرنا بساعات الفرح التي تغمرنا
ننشده عندما نحزن لأنه يذكرنا بذواتنا المتعبة ونفوسنا المثقلة بهمومها
عندما نحزن نحاكيها ونسألها عن سبب انطفاء زرقتنا
ونحاسبها على شد أشرعة الغياب عن جزر الفرح، فرحلتنا لها قصيرة أو نراها دوما كذلك
نجالس أرواحنا ونتصافى مع ذواتنا لعلنا نمسح خطوط الحزن المرسومة في قلوبنا
عندما نحزن نبحث عن نفوسنا
فنجدها في البحر وعنده ومن حوله
فنناجي رسمه وأمواجه... فهو يذكرنا بها