cabbo مانوسى سوبر عضو
المشاركات : 3164 العمر : 34 ساكن فين؟ : فى شارعنا بتشتغل اية؟ : بشتغل دماغى منساوى ولا منساوية ! : السٌّمعَة : 0 نقاط : 193 تاريخ التسجيل : 25/07/2008
| موضوع: الموقف السياسي الأربعاء 30 يوليو 2008 - 6:43 | |
| |
القارة الأوروبية مشغولة في هذه الأيام بمتابعة نتائج اجتماع قمتها يومي 12و13 ديسمبر في العاصمة الدانماركية.. كوبنهاجن. ومن حق الشعوب الأوروبية أن تفخر بما حققته حكوماتها لها من خلال وحدة قارتها، ودمج دولها، وفتح الأبواب لاستقبال المزيد من الدول الأعضاء في الوحدة الأوروبية. لقد بدأت تلك الوحدة بست دول، ثم توسعت لتضم 15دولة، وخلال 8ا شهرا قادمة، أي في أول مايوسنة 2004، سيزداد العدد ليصبح 25دولة. لقد تحدث وزير الخارجية الفرنسي، دوميمشكووووووووور دو فيلبان، مبشرا شعوب القارة الأوروبية قائلا: إن التوسع الكبير في مساحة أوروبا سيدفق الدماء الجديدة لدولها، ويفتح أسواقا واسعة أمام منتجات مصانعها. وحدة تضم 25دولة، في المستقبل القريب، ستقفز بها إلي المرتبة الثالثة في العالم من حيث عدد السكان 455مليون نسمة بعد الصين، والهند. وإذا تصوٌرنا دولة بهذا الحجم، وبكل الطاقات الهائلة التي تتمتع بها معظم دولها الحالية، فمن المؤكد أن 'الولايات المتحدة الأوروبية' ستكون في المستقبل القوة العظمي التي يمكن أن تزاحم 'الولايات المتحدة الأمريكية' التي تنفرد حاليا بزعامة الكرة الأرضية، وتفعل ما يحلو لها بصرف النظر عن رفض أو غضب أو عداء معظم دول العالم. كل الظروف خلال القرن الماضي كانت تستبعد فكرة قيام وحدة أوروبية. فما أكثر الخلافات بين هذه الدول، ويكفي ما سجله التاريخ عن الحروب التي نشبت بين دولة أوروبية وجارتها، وبين تحالف عدد من الدول ضد تحالف عدد آخر منها، وأبرز هذه الحروب، وأفظعها، مايسمي بالحرب العالمية الأولي والحرب العالمية الثانية، وعشرات الملايين من الأرواح الأوروبية التي راحت ضحية هاتين الحربين. شعوب القارة الأوروبية تتحدث بلغات مختلفة، ونسبة كبيرة من تلك الشعوب لا تعرف غير لغتها، وكل منها له عاداته، وتقاليده، وتعصبه لعلم بلده، وعملته المالية، ويتوارث العداء والكراهية لشعوب أخري سبق أن نشبت الحروب فيما بينه و بينها منذ عقود طويلة، ولم يستطع الزمن أن ينسي تلك الشعوب أهوالها وضحاياها. ورغم هذه الخلافات العميقة كلها، فقد شذت قلة من المفكرين والسياسيين عنها..وآمنت بأنه من الممكن أن تعود العلاقات الطبيعية بين شعوب القارة الأوروبية، وأن تتفق علي نبذ الحروب، وإعادة السلام الشامل والدائم. ليس هذا فقط بل إن تلك القلة الحالمة لم تكتف بأحلامها المستحيلة..وإنما رأيناها في منتصف الخمسينيات تحقق ما كانت الأغلبية تعتبره مستحيلا، وأعلن في سنة1957 عن مولد أول خطوة عملاقة في الطريق الطويل لتحقيق الوحدة الأوروبية الكاملة. بدأت بالاقتصاد.. باعتباره أول، وأهم، ما يؤثر إيجابيا في قرارات الشعوب. والمذهل أن هذه الخطوة الأولي لم يكن لها أن تتحقق إلاٌ بمبادرة وتشجيع ودعم من الدولتين الأكثر عداء وكراهية الواحدة للأخري فرنسا وألمانيا الغربية! ولم تتحقق الوحدة الاقتصادية بقرار فوري.. ولم تتم في يوم وليلة، وإنما احتاجت إلي فترة طويلة تحسب بالعقود العديدة قبل أن يتوحد الاقتصاد الأوروبي وتصبح لمعظم دول الاتحاد عملة مالية واحدة هي 'اليورو' الذي ولد منذ عام واحد، وسرعان ما ارتفعت الآن قيمته لتزيدعلي قيمة 'الدولار' الأمريكي بجلالة قدره! ووحدة اقتصاديات شعوب الوحدة الأوروبية ليست نهاية المطاف. فالمشوار مايزال طويلا، فهناك الوحدة السياسية، ثم الوحدة الدفاعية، حتي تقوم في النهاية الدولة العظمي الأوروبية التي تختار شعوبها الموحدة رئيسا لها يتم اختياره بالانتخابات العامة في طول القارة وعرضها. كان هذا باختصار شديد ما فعلته وتفعله دول القارة الأوروبية من أجل سلامة شعوبها، ورفاهيتها، وتوفير الأمن والاستقرار لشعوبها التي عانت أكثر من غيرها طوال القرن الماضي من ويلات الحروب المحلية، والقطرية، والعالمية، وتحلم بقرن جديد ينشر السلام، والأمان، والرفاهية.. في كل مكان. وشتان الفارق بين ما تحقق للشعوب المتنافرة الأوروبية، وبين ما لم يتحقق للشعوب الشقيقة العربية..
منذ عشرات السنين الماضية ونحن ومازلنا نتغني بالوحدة العربية التي 'لا يغلبها غلاب'! التلاميذ الصغار في المدارس الابتدائية يحفظون عن ظهر قلب الأسباب والمبررات المنطقية التي تحتم قيام دولة 'الولايات المتحدة العربية' من المحيط إلي الخليج.
ملايين القصائد الشعرية، والمقالات الحماسية، والكتب الموثقة.. ألقيت، ونشرت، وصدرت، لتدعو إلي هدف واحد لم يحدث أن اعترض عليه أحد من الحكام والمحكومين العرب خلال العقود العديدة الماضية.. وحتي لحظة كتابة هذه السطور. فكلنا نهلل للوحدة العربية، وكلنا نطالب حكوماتنا بسرعة تحقيقها، وكلنا أيضا نسعد، ونطرب، لكل حاكم عربي يبشرنا بأنه لا هم له ولا هدف غير تحقيق حلم الشعوب العربية جيلا بعد جيل في تحقيق الوحدة العربية الشاملة.. والتي هي وحدها القادرة علي رفع رأس الأمة العربية أمام الدنيا كلها، باعتبارها قوة بشرية، واقتصادية، وسياسية، ودفاعية.. يجب أن يحسب لها ألف حساب وحساب. وما أغرب، وأعجب، ما حققناه منذ قيام جامعة الدول العربية، في الأربعينيات، وحتي اليوم..
تصوٌرنا أن الوحدة العربية الشاملة لن تتحقق إلاٌ بتجزئتها علي مراحل. ولا بأس بهذا المفهوم بشرط أن تكون تلك المراحل علي أسس واضحة، منهجية، ومتصلة.. مثل تلك التي تقوم عليها الوحدة الأوروبية، بمعني أن تتفق الدول الأعضاء المعنية علي قيام الوحدة العربية علي المدي البعيد، وتحددخطواتها الزمنية.. مرحلة تعقبها أخري، خاصة أن أهداف قيام جامعة الدول العربية تتضمن هذا كله، ولم يكن مطلوبا من الدول الأعضاء وما أكثرها غير التحمس لتنفيذها وتحقيقها، خطوة بعد أخري. وللأسف الشديد لم تلتزم حكوماتنا العربية بما كانت شعوبنا تنتظره منها. فالسوق العربية المشتركة مازالت في علم الغيب. واتفاقية الدفاع المشترك تفنن كتبة بنودها ونصوصها بحيث تظل غير قابلة للتنفيذ بالأمس، واليوم، وغدا!
وحاول بعض الزعماء العرب فرض هذه الوحدة علي الغالبية العظمي من الحكام العرب الذين لا يشجعون لأسباب كثيرة اقتنعوا بسلامتها علي قيامها، فأعلنوا قيام الوحدة الشاملة فجأة بين بلدين أو ثلاثة.. هنا أو هناك. حقيقة أن الشعوب العربية كلها من المحيط إلي الخليج أسعدها قيام وحدة شاملة بين بلدين عربيين شقيقين مصر وسوريا بقرار رئاسي، والاتفاقيات المتتالية التي تمت بين بعض دول شمال أفريقيا العربية، لكن المؤسف أن هذه الوحدة، ومحاولات تحقيقها، لم تصمد واحدة منها أكثر من شهور معدودة.. تم بعدها الانفصال، أو تركت بلا حراك علي أمل أن تنساها الشعوب.. وهو ما تحقق بالفعل.
مشروع الوحدة الجزئية العربية الوحيد الذي مازال صامدا هو الخاص بتجمع الدول العربية الخليجية، والذي يعقد مؤتمر قمتها في هذه الأيام في العاصمة القطرية الدوحة، بغياب الغالبية العظمي من الملوك والأمراء والحكام الخليجيين! ورغم حماس الشعوب العربية الخليجية لوحدتها المنتظرة، فإن باقي الشعوب العربية الأخري في المشرق والمغرب العربيين صدمت فيها، واعتبرتها طعنة في ظهر 'الحلم العربي' الذي نتغني به منذ قيام جامعة الدول العربية في منتصف الأربعينيات وحتي الآن.
وياليت وحدة الدول العربية الخليجية حققت ما تنتظره شعوبها منها. فالواضح للدنيا كلها أن الخلافات بين بعضها البعض ما يزال التوصل إلي حلٌها يترك للتمني، نتيجة لما نسمعه من تصرفات دولة عضو في هذه 'الوحدة' قطر أساءت كثيرا إلي معظم الدول الأعضاء، بدليل غياب ملوك وأمراء هذه الدول عن المشاركة في اجتماع'القمة' الذي يعقد حاليا في العاصمة القطرية!
ومن المحزن أننا لا نملك أن نوجٌه النقد إلي حكومات الدول العربية بصفة عامة لتقاعسها عن العمل من أجل تحقيق حلم شعوبها في قيام الوحدة العربية الشاملة، لا لشيء إلاٌ لأن من حق هذه الحكومات بالذات الخليجية منها ألاٌ تثق في خبايا، وأطماع، وتصرفات.. نظام حكم دولة عربية مجاورة لم تلق منه غير الدمار، والكراهية، والتآمر، والتربص، والتهديد بالغزو! فلا يعقل أن توافق الدول الخليجية وأولاها: دولة الكويت علي وضع يدها في يد نظام الرئيس العراقي صدام حسين، أو أن تطمئن إليه، وتسلم جانبه.. وهو الذي قام في أوائل التسعينيات بغزو بلادها، وقتل رعاياها، وتدمير آبار ثروتها الرئيسية، وأسر مواطنيها وسجنهم في معسكرات الاعتقال حتي لحظة كتابة هذه السطور! ولا يقبل كذلك أن يقال إن الرئيس صدام حسين قد تاب، وأناب، بدليل أنه وجٌه رسالة بلسان وزير إعلامه إلي الشعب الكويتي يعتذر لهم فيها عن جريمة غزو بلادهم، وبالتالي فيجب علي الكويتيين أن يهنأوا بهذا'الاعتذار'، ويتحالفوا مع النظام العراقي ضد الضربة العسكرية التي تلوٌح له بها الولايات المتحدة الأمريكية! شيء من هذا اللغو، والافتراء، وتشويه الواقع.. لا أساس له من الصحة. فلا صدام حسين اعتذر للكويتيين عن الجرائم التي ارتكبها في حقهم.. ولا كلمة واحدة مما تضمنته رسالته المرفوضة تشجع جاهلا من بسطاء البشر المحايدين علي الاقتناع بأن الطاغية العراقي قد تاب، أو تراجع، عن سياسة التهديد، والتربص، والتآمر، التي يمارسها بإصرار ودأب لا مثيل لهما ضد جيرانه من الدول الخليجية، المفروض أنها شقيقة لدولته، والمطلوب أن تضمها قائمة دول الوحدة العربية الشاملة التي مازلنا نحن الشعوب العربية من المحيط إلي الخليج نحلم بتحقيقها..إن لم يكن اليوم، فغدا.
*** لقد عدت إلي ما قاله الرئيس حسني مبارك بمناسبة افتتاح الكوبري المعلق علي نيل أسوان..يوم الثلاثاء الماضي تعليقا علي خطاب 'الاعتذار المزعوم'، فوجدت فيه أبلغ، وأخلص، نصيحة يمكن أن تنقل إلي الرئيس العراقي صدام حسين، الذي يبدو أنه لا يهمه من قريب أو بعيد ما يخطط ضده، وما يمكن أن يتعرض له شعبه الذي لا حول له ولا قوة، وما ينتظر أيضا أن يلحق بالأمة العربية، بصفة خاصة، ومنطقة الشرق الأوسط، بصفة عامة، من أهوال، ودمار، وعدم استقرار.. لو أن المجتمع الدولي قرر اليوم، أو غدا أن يوجٌه ضربته العسكرية ضد العراق. قال الرئيس بوضوحه المعروف عنه، وصراحته المعهودة : 'إن القضية العراقية هي مشكلة المشاكل. زمان لما حصل غزو الكويت، قمنا كثيرا بنصح أخواننا في العراق.. وأنا علي ما أتذكر أرسلت أكثر من اثنين وثلاثين مرة إما رسائل مكتوبة، أو شفهية حملها مبعوثون خاصون وكانت كلها تحمل نصائح مخلصة لا مصلحة لنا فيها غير مصلحة التضامن العربي، وكإخوة يهمهم أمن وسلام ورفاهية الإخوة العراقيين، إلاٌ أنهم في بغداد لم يستمعوا لكلامنا، لأن تقديرهم كان أن الأمر سيبقي كما هو عليه، رغم تحذيري لهم وقتذاك بأن الحرب قادمة لا محالة، وحتنضربوا.. لكنهم ردوا عليٌ 'بكلمتين' لا أريد أن أقولها لكم.. ولم أهتم، وقلت لنفسي: 'معلش.. فوٌت.. هم معذورين'! وأضاف الرئيس مبارك قائلا، في اللقاء الجماهيري بأسوان، معلقا علي رسالة 'الاعتذار' العراقية للشعب الكويتي: 'إن صدام حسين شتم الكويتيين، وطلب منهم أن يثوروا علي حكامهم.. فهل هذا يعتبر اعتذارا؟!'.
*** رغم أنني أحسد الشعوب الأوروبية علي نجاحهم في تحقيق الحلم الذي سبقتهم الأمة العربية إليه، إلاٌ إنني لا أملك، ولا أستطيع في الوقت نفسه، أن أنتقد الحكومات العربية لعدم تحقيقها حلم شعوبها في قيام وحدتهم.. لأسباب كثيرة، أهمها أن استمرار وجود حاكم عربي مثل صدام حسين لا هم له غير التربص بالشعوب العربية، وتهديدها، والسعي إلي غزوها، وتدميرها، لن يحقق إلاٌ تأجيل الوحدة العربية إلي أجل غير مسمي، وبالتالي سيظل الحلم.. حلما، غير قابل للتحقيق.
|
|
| |
|